كم من صيف مرّ وفات ولم نستفد منه، فرحل عنّا وكان شاهدا علينا..
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ رَضِيَ اللّه عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لاَ تَزُولُ قَدَما عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ؛ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَا عَمِلَ بِهِ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ؟» : حديث حسن صحيح
الصيف لدى الكثيرين ما هو إلا مزيدا من الساعات الضائعة في التنزه والخروج مع الأصحاب، والسهر ليلا والنوم نهارا، فليلهم نهار ونهارهم ليل. فمع بداية كل صيف تحدث معركة بينك وبين إبليس .. فأنت الان متفرغ ولديك وقت طويل؛ فاذا لم تستغله غلبك هو وأضاع لك وقتك فيما يضرك..
فهل يا ترى هؤلاء سيفوزون بصيفهم؟ .. وهل يعلمون قيمة الوصية التي أوصاهم إياها نبينا الكريم؟.. نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس...
قال ابن الجوزي رحمه الله: ينبغي للمسلم أن يعرف شرف زمانه وقيمة وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة
فكم أضعنا من الوقت، و هل سيكون هذا الصيف شاهداً لنا أم علينا؟..
فالصيف هو كنز حقيقي لمن يريد استثمار عمره.. يقول ابن القيم رحمه الله: "السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها.. فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرة شجرته حنظل، وإنما يكون الجذاذ (الحصاد) يوم المعاد، فعندئذ يتبين حلو الثمار من مرها"
فهل سنملأ شجرتنا بالثمار النافعة لنا دينا ودنيا؟
ورد فى الاثر انه يأتي يوم القيامة لكل عبد خزائن كثيرة .. خزنة لكل ساعة من عمره تفتح امام عينيه واحده تلو الاخرى وهو ينظر ويرتقب ..
فالساعة التى اطاع الله فيها.. تكون مملوءة بالحسنات..
والساعة التى عصى الله فيها.. تكون مملوءة بالسيئات..
والساعة التى نام فيها، تكون فارغة (اذا لم ينوي لنومه نية حسنة) ... وعندها يبكي الانسان عن كل دقيقة مرت من عمره ولم ينوي فيها نية لله.. فلنعمل لهذا اليوم
ونملأ خزائننا بالحسنات..
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت فيه شمسه نقص فيه اجلي ولم يزد فيه عملي
و لأن الوقت هو الحياة كما قال الإمام حسن البنا، كان لا بد من تنظيم أعمالنا فيه، فهو أساس النجاح بعد الإخلاص لله عز و جل، فلنرتب أعمالاً يكون لنا بها النفع الجيد من الصيف
- أثناء الشهور الثلاثة نستطيع أن نقطع شوطا كبيرا في حفظ جزءين أو ثلاثة من كتاب المولى عزّ وجل وليكن ذلك هدفا نلزم أنفسنا على تحقيقه
- الدال على الخير كفاعله.. يمكنك أن تحفظّ غيرك أو أن تشترك في مكاتب للتحفيظ أو على الأقل تتعهد مع احد بحفظ كتاب المولى سويا..
- وفى مجال العلوم الشرعية.. نستطيع أن نحدد مجموعة من الكتب النافعة التى نحتاجها فى حياتنا اليومية كالفقه والسيرة والحديث ومعرفة بعض سير السلف التي تعيننا .. وحفظ بعض الأذكار
- الصيف أو بالأحرى الاجازة الصيفية فرصة حقيقية لزيادة ثقافة المرء فى شتى المجالات. فمن الممكن تحديد كتاب او اثنين فى احدى المجالات التى نحبها.. فننهل ونستقي من الخير الذي فيه
- طوال السنة ربما لإنشغالك لم تتمكن من المكوث طويلا فى المسجد .. وها قد جاءت الفرصة
ففي المسجد أعمال خير كثيرة: ككفالة اليتيم رعاية الفقراء تحفيظ كتاب المولى عزّ وجل حلقات العلم محو الامية.. ولتكن مؤثرًا في المجتمع فعّالا للخير..
ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله ... وشاب نشأ في طاعة الله. .. ورجل قلبه معلق بالمساجد.. فهل من الصعب ان تكون احد هؤلاء!!
- ثلاثة اشهر كفيلة بأن تعلمنا كيفية تنظيم الوقت .. كيف ينظم الفرد حجرته ومكتبه وكيف يضع برنامجًا لليوم التالي لتحقيق اكبر استفادة..
- أمامنا أيضًا فرصة كبيرة لزيارة الأقارب والتواصل مع الأهل، حيث يصعب التواصل معهم أثناء العمل والدراسة.. ولنجعل أمامنا قول النبي صلى الله عليه وسلم.. (الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله)
- وأيضا من الهام في الاجازة أن نتعلم حرفة او نتعلم مهارة، فتعلم المهارات والحرف يفيد فى حياة الانسان اليومية
- وفى النهاية المسلم القوى خير من المؤمن الضعيف.. فلا ننسى ممارسة الرياضة ولو عشر دقائق بصورة منتظمة تحافظ على رشاقة الجسد ولياقته ...
كانت هذه بعض النصائح وكل منا يستطيع أن يرتب أولوياته بالشكل الذي يحفظ فيه بدنه ووقته وجهده من أن يذهب سدى.. ولنعلم أن من لم يستطع التغلب على نفسه فلن يتغلب على عدوه..
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى..
منقول